من أسرار اللغة: الجموع في العربية

استخدام صيغ الجموع في العربية

في اللغة العربية كلمات يحسب الناظر إليها لأول وهلة أن فيها تكرارا وتزيدا، قد يكون بلا فائدة. ففي العربية جموع سالمة وتكسير، ونجد في اللغة بعض الكلمات التي تجمع صيغ المفرد منها جمعا سالما وجمع تكسير في الوقت نفسه. فكلمة كاتب تجمع جمعا سالما فنقول كاتبون/كاتبين، أو جمع تكسير فنقول كُتّاب. وكلمة عامل تجمع على عاملين، وعُمّال.

وربما كانت طريقة علماء العربية في جمع اللغة في الماضي هي السبب وراء هذه الكثرة من الجموع. فقد جمعوا لغات القبائل كلها فوصلنا بذلك تراث ضخم.

لكن المتأمل في استخداماتنا اللغوية المعاصرة يكتشف أن العربية تخصص إحدى صيغتي الجمع لمعنى وسياق مختلف عن صيغة الجمع الآخر. فكلمة عامل – مثلا – يستخدم جمعها السالم “عاملون” للدلالة على “الموظفين”. أما جمع التكسير منها “عمال” فيستخدم في الدلالة على “طبقة السعاة والفراشين والمنظفين”.

وأذكر هنا ذات مرة أن أحد زملائنا في هيئة الإذاعة البريطانية وصلته رسالة من مستمع معجب بالإذاعة، يبلغه فيها تحياته إلى كل “العمال” في بي بي سي. وعندما رأينا الرسالة ضحكنا، لإدراكنا لاستخدام “عمال” مكان “عاملين”، أي استخدام صيغة جمع التكسير مكان صيغة الجمع السالم.

وهكذا أخذت اللغة تفرق بين جمعي الكلمة الواحدة. فاللغة ليس فيها تكرار أو تزيد إن دققنا النظر.

للمشاركة على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

البحث

محمد العشيري

عملت محاضرًا في اللغة والثقافة العربية في جامعة برمنجهام البريطانية. درَستُ علم الأصوات اللغوية وعلم اللغة وتخصصت فيهما، ثم درَّستهما فيما بعد. وتشمل مجالات اهتمامي علوم اللغة العربية، والخطاب الإسلامي، واللغة في وسائل الإعلام. عملت أيضًا في جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة عين شمس المصرية في القاهرة. وعملت مذيعا ومقدم ومعد برامج في هيئة الإذاعة البريطانية. من بين مؤلفاتي: “أصوات التلاوة في مصر: دراسة صوتية، و“عربية القرآن: مقدمة قصيرة”، و”كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية والعربية لأبي حاتم الرازي: دراسة لغوية”. ونشرت مجموعة قصصية تحت عنوان “حرم المرحوم” وكتبا أخرى.