الرجل الذي مات يوم ميلاده

الرجل الذي مات يوم مولده

كان في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية مكتبة موسيقية تضم آلاف الأسطوانات والتسجيلات للمطربين والملحنين العرب، وبرامج الإذاعة وما سجله لها الكتاب والأدباء والشعراء من أحاديث، وما أجراه مذيعاتها ومذيعوها من مقابلات. وكان يتولى إدارة تلك المكتبة موظف تعينه بي بي سي، ليشرف على تلك الذخيرة، وليضيف إليها ويصنف كل جديد في مكانه.

ومن بين من أشرفوا على مكتبة الإذاعة الموسيقية الأستاذ حمدي عيسى، والأستاذ أحمد شوقي الشايب رحمه الله.

أحمد شوقي الشايب

ولم يكن أحمد موظفا عاديا، بل كان فنانا. فقد كان زجالا من طراز رفيع، وكاتبا. وشارك أيضا في إعداد بعض البرامج المتعلقة بالموسيقى. وكان صاحب روح فكهة جدا.

كان يقول إن أمنيته أن يربح اليانصيب لينشئ إذاعة تنافس بي بي سي. وكان سعيدا جدا عندما اقترب اليوم الذي كان سيتقاعد فيه.

وكان سبب سعادته هو أنه سيأخذ ما توفره له من فلوس التقاعد ليسيح في بلاد الله حول العالم.

وبلغ أحمد الستين من العمر، واحتفل بيوم ميلاده، ونام ليلتها لكنهمن أسف – لم يستيقظ، بل فارق الحياة في أول يوم من عامه الجديد. ولم ينفق فلسا واحدا من فلوس تقاعده.

وكانت تلك نهاية مأساوية لفنان رقيق الحس.

أحمد شوقي الشايب

للمشاركة على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

البحث

محمد العشيري

عملت محاضرًا في اللغة والثقافة العربية في جامعة برمنجهام البريطانية. درَستُ علم الأصوات اللغوية وعلم اللغة وتخصصت فيهما، ثم درَّستهما فيما بعد. وتشمل مجالات اهتمامي علوم اللغة العربية، والخطاب الإسلامي، واللغة في وسائل الإعلام. عملت أيضًا في جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة عين شمس المصرية في القاهرة. وعملت مذيعا ومقدم ومعد برامج في هيئة الإذاعة البريطانية. من بين مؤلفاتي: “أصوات التلاوة في مصر: دراسة صوتية، و“عربية القرآن: مقدمة قصيرة”، و”كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية والعربية لأبي حاتم الرازي: دراسة لغوية”. ونشرت مجموعة قصصية تحت عنوان “حرم المرحوم” وكتبا أخرى.