يوميات صائم: (٣) لماذا حاور الله الملائكة في قصة الخلق؟

يوميات صائم ٢٠٢١: ملامح نفسية

مهدت سورة البقرة لحوار الله تعالى مع الملائكة في قصة الخلق بالآية ٢٩ التي روت فيها كيف هيأ الله سبحانه وتعالى الأرض بعد خلقها، بما خلقه فيها، وكيف خلق السماوات بما فيها، لاستقبال ذلك المخلوق المرتقب.

“هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” ﴿29

ويدور حوار قصة الخلق بين رب العزة جل وعلا، والملائكة، وشارك فيه آدم عليه السلام، بعد خلقه، حينما سُئل، لكن كلامه لم يروَ في الحوار.

ونعرف من الحوار أن الله تعالى أبلغ الملائكة أنه سيرسل إلى كوكب الأرض مخلوقا جديدا. لكن هذا المخلوق الجديد ليس كأي مخلوق آخر، إذ إنه يتميز من مخلوقات الله الأخرى، بأنه سيكون ”خليفة“ على الأرض. 

لكن لماذا يحاور الله تعالى الملائكة؟ 

هناك إجابات محتملة لهذا السؤال. 

أما الإجابة الأولى فهي أنه تعالى أراد أن يقص على الملائكة نبأ خلق  آدم وإرساله خليفة إلى الأرض.

وهذا مرتبط بإجابة أخرى محتملة، تقتضيها أحداث قصة الخلق. وهي أن هؤلاء الملائكة ربما سيكونون وسيلة وصل بين رب العزة وهذا المخلوق الجديد. وسوف تسند إليهم أيضا، فيما بعدُ، مهامُ ذاتُ صلة بهذا المخلوق الجديد: حمايته، ومساعدته، وتسجيل أعماله. ولهذا حاورهم الله تعالى، حتى يبلغهم، قبل أن يوكل إليهم ما يريد.

أما الإجابة الثالثة فهي أن في محاورة الله تعالى للملائكة بيانا لافتا لنا – نحن الذين أنزل عليهم القرآن الكريم – في حياتنا ومعاملاتنا. فعلى أرباب العمل، وأرباب الأسر، مثلا، أن يتوخوا النهج ذاته في علاقاتهم مع العاملين، أو مع أفراد الأسرة، وأن يحيطوهم بقراراتهم ويناقشوهم ويتحاوروا معهم.  

ما الذي دار في حوار رب العزة مع الملائكة؟

سنجيب عن هذا التساؤل في اليومية التالية إن شاء الله.


اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

للمشاركة على :

اترك تعليقك

البحث

محمد العشيري

عملت محاضرًا في اللغة والثقافة العربية في جامعة برمنجهام البريطانية. درَستُ علم الأصوات اللغوية وعلم اللغة وتخصصت فيهما، ثم درَّستهما فيما بعد. وتشمل مجالات اهتمامي علوم اللغة العربية، والخطاب الإسلامي، واللغة في وسائل الإعلام. عملت أيضًا في جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة عين شمس المصرية في القاهرة. وعملت مذيعا ومقدم ومعد برامج في هيئة الإذاعة البريطانية. من بين مؤلفاتي: “أصوات التلاوة في مصر: دراسة صوتية، و“عربية القرآن: مقدمة قصيرة”، و”كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية والعربية لأبي حاتم الرازي: دراسة لغوية”. ونشرت مجموعة قصصية تحت عنوان “حرم المرحوم” وكتبا أخرى.

اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading