يشيع في أماكن العمل التي يكثر فيها العاملون نمط سييء من التفكير ينحو فيه الناس إلى وضع الآخرين في قوالب، والتعامل معهم بناء على هذه النظرة الضيقة الظالمة.
فَلَو كنت تعمل في مؤسسة صحفية مثلا، وأسند إليك ترجمة الأخبار، وظللت تُمارس هذا الدور فترة من الزمن، يميل زملاؤك من ضيقي الأفق إلى وضعك في هذا القالب متوهمين أنك لا تستطيع عمل أي شيء آخر. ويأخذون في التعامل معك بناء على هذا القالب، فلا يفكرون أبدا في إسناد شيء آخر إليك، أو طلب مهمة أخرى منك.
وهم بذلك يظلمونك، ويحرمون المؤسسة وأنفسهم فرصة التعرف على قدراتك الأخرى، ومواهبك، وهوياتك، بل حياتك الأخرى خارج مكان العمل.
وكم من كاتب أو أديب، أو باحث، أو فنان، أو رسّام، أو عازف، أو شاعر، أو ممثل، أو رسّام كاريكاتير يعيش بيننا، ولا ندري عنه شيئا لأنه صامت ولا يحكي لنا عن حياته الأخرى خارج مكان عمله ولا عن هواياته ومواهبه التي يستمتع بها خارج قوالبنا.
وكم من مدع يحسن مهارة بيع بضاعة يتيمة ليس في حوزته دونها، يستطيع إيهامنا أنه يمتلك ما لا يمتلك، ويجيد ما لا يعرف، لأنه أجاد الزعيق في الحديث عن نفسه، وأكثر من إرسال رسائل البريد الإلكتروني كلما لفظ كلمة، أو تنفس زفرة.
اكسروا القوالب في تعاملكم مع الآخرين، وحاولوا العوم إلى الشاطئ الآخر منهم، فقد تجدون ما يسركم، وما فيه نفع للمؤسسة.
فلا فائدة وراء النمطية في تعاملنا مع الآخرين، إذ إنها تكرس الشللية، وتضخم الانعزالية في أماكن العمل، وتفضي إلى الإحباط.
وليقرأ المديرون سير الموظفين الذاتية، ولا يدعوها حبيسة السجلات والملفات. وإن لم يستطيعوا، فليجلسوا إليهم ويتعرفوا عليهم بصدر رحب خارج القوالب.
وليلتكم سعيدة