ربما لاحظ بعض متابعيّ أني في مناسبات كبداية العام الجديد، غالبا ما أكتب عبارة (لغة)، وربما أثار في العبارة حذف (الواو) قبل (أنتم) عجب بعضهم، أو دهشتهم، فالعبارة المألوفة التي درج الناس في معظمهم على تداولها هي (كل عام وأنتم بخير).
ووراء ما أكتب حكاية “نحوية” تتعلق بالحال في قواعد اللغة العربية.
فالواو في عبارة (وأنتم بخير) هي واو الحال، أي أن المقصود من العبارة: وحالة كونكم بخير.
لكن الحال في العربية يدل على التغير، فعندما نقول (جاء الرجل ضاحكا)، أو (جاء الرجل وهو يضحك)، فإننا نقصد أن حالته عند مجيئه اتسمت بالضحك. وهو – أي الرجل – ليس ضاحكا دائما وأبدا، وإلا كان مريضا. وكذلك الأمر عندما نقول (جاءت الأميرة راكبة)، أو (جاءت الأميرة وهي راكبة)، فإننا نقصد أنها كانت راكبة عند مجيئها، أي حالة كونها جائية. ولا نقصد طبعا أنها دائما راكبة، وإلا لكانت مقعدة، والعياذ بالله.
ولأن الحال يدل على التغير، أي صفة متغيرة وليست دائمة، فليس من المحبة، ولا من الحنكة ولا الحكمة، أن أهنئكم متمنيا لكم الخير مؤقتا، أي في فترة محدودة. وهذا بالضبط هو المقصود من (وأنتم بخير) بالإبقاء على الواو.
أما لو حذفنا الواو فإن المعني سيتغير، إذ لم تعد الجملة جملة “حال”، ويكون دوام الخير لكم مرادا طيلة حياتكم، وليس محدودا بحال متغيرة قصيرة.
فكل عام أنتم بخير.