شاهدتُ صورته مرتين: مرة خلال الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، ولم يلفت انتباهي رسمه، بل لفتني اسمه، والمرة الأخرى كانت في ٢٤ مارس عام ٢٠١٣، عندما كتبت هذه اليومية.
وبحثت عنه آنذاك في الإنترنت فعرفت أنه ابن أحد أساتذتي في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية.
عرفت أباه رجلا أنيقا، دمث الخلق، هادئ السمت. وكنت أتعامل معه عن قرب حينما كان مشرفا على النشاط الفني في قسم اللغة العربية واللغات الشرقية في الكلية، وكنت أنا أحد أعضاء الأسرة الثقافية، بحسب ما أذكر.
ورأيت في صورة الابن الكثير من ملامح أبيه، إلا لحية لم تكن من سمات الأب، الذي كان حليق الذقن. ولم أعجب كثيرا لهذا الفارق في الصورة بين الأب والابن. فهذا هو الفارق بين الجيلين: جيل أبيه الذي كان الدين لديه يقر في القلب ولا يظهره الشكل، وجيل الابن الذي طغى فيه الشكل والصورة على القلوب ومستورها.
وحزنت – خلال رحلة البحث عنه – عندما عرفت بوفاة الأب، بيد أنني سعدت حينما عرفت أن الابن ورث من أبيه حب العربية وتراثها، بالرغم من دراسته التي انتحت ناحية الطب. وتذكرت مثلنا المصري الذي يقول “من خلّف (ابنا) لم يمت“.
لكن القدر لم يمهلني – فقد عرفت بوفاة الابن بعد مرض ألم به في اليوم نفسه الذي كنت أبحث فيه عنه في الإنترنت.
وأحسست يومها فقط بأن أستاذي، الدكتور يسري سلامة، أستاذ النقد الأدبي، بجامعة الإسكندرية قد مات حينما عرفت بوفاة ابنه محمد يسري سلامة.
رحم الله الأب والابن وأثابهما لقاء ما قدماه، كل في بطريقته.