ذاعت خلال الحملة الانتخابية لانتحابات الرئاسة في مصر في عام ٢٠١٤ أغنية للفنان حسين الجسمي تحت عنوان ”بشرة خير“.
وموسيقى الأغنية جميلة وسريعة الإيقاع، وهذا ما دفع بعض مستمعيها إلى الاستجابة رقصا لذلك اللحن الذي قيل حول أصله أقاويل.
أما كلماتها فتحث المصريين على المشاركة، متوددة إليهم بذكر عدد من أسماء محافظات مصر، وإن أغفلت بعضها، ومن بينها مدينتي التي أنتمي إليها.
وأنا لن أقف هنا عند ما أثارته الأغنية من جدل ”سياسي“ في مصر خاصة، لكني أود الوقوف عند اسمها ”بشرة خير“، الذي يماثل اسم فيلم مصري قديم مثلته الفنانة شادية والفنان كمال الشناوي.
واسم الأغنية بهذه الصيغة، وهي صيغة عامية مصرية – وكذلك اسم الفيلم – قد يثير تساؤلا حول كيفية انتقال الكلمات من لغة إلى أخرى، وما يطرأ عليها خلال تلك الرحلة. ولكنه أيضا يشير إلى أحد ملامح اللهجة المصرية في تعاملها مع الكلمات الوافدة إليها من اللغة الفصيحة التي تخالف قوانينها الصوتية. وهذه قصة أخرى لا مجال لها هنا.
بيد أني أود فقط أن أشير إلى صعوبة الحركات الطويلة في نهايات الكلمات في اللهجة المصرية. فكلمات مثل نجوى، وسلوى، وسلمى، تنطق في الأغلب بحركة قصيرة في آخرها وكأننا نقول “نجوه، وسلوه، وسلمه” نطقا. ومن هنا تولدت كلمة “بشرة”.
فالمقابل لكلمة ”بُشرة“ المصرية في اللغة الفصيحة هو ”بُشرى“. ولا تعرف اللغة الفصيحة صيغة مؤنثة أخرى لـ”بُشرى“ بتاء التأنيث، كما هو الحال في العامية المصرية.
وقد تعيش الأغنية فترة ثم تموت، لكنها لن تدوم طويلا دوام أغان وطنية أخرى من حقبتي الخمسينيات والستينيات ظلت بيننا.
بيد أن ”بشرة خير“، ستخلف وراءها – وإن ماتت أو نُسيت – صيغة قد يتوهمها بعض شبابنا – الذين لا يولون اهتماما بلغتهم وهويتهم – صحيحة، ويتداولونها ليس فقط في لهجتهم، بل فيما يقولون ويكتبون من فصيح.
وليست هذه ”بشرى طيبة“ !
(كتبت في ٢٧ مايو ٢٠١٤)