”وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ “
يبدأ حوار قصة الخلق بعبارة مهمة تفيدنا – نحن قراء القرآن الكريم – بأن الكلام فيه موجه إلى النبي محمد عليه السلام، وهذا أمر واضح من ضمير المخاطب في ”وإذ قال ربك“. فالحوار إذن يهدف إلى رواية قصة الخلق للنبي الكريم حتى يكون على علم بها، إما ليرويها لقومه، وإما ليكون مهيأ إن سأله قومُه عنها.
ونحن لا نعرف من سياق الحوار من هم الملائكة الذين خاطبهم الله تعالى. ولكن يبدو أن الحوار كان مع الملائكة كافة.
والرسالة الأساسية التي أراد رب العزة إبلاغَها الملائكةَ هي أنه سيرسل إلى كوكب الأرض ”خليفة“، ”إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً“.
وربما يكون المقصود من هذا الوصف ”خليفة“، أن هذا المخلوق الجديد سوف يتناسل ويخلف نسله بعضهم بعضا. وهذا يعني أنهم غير مخلدين، بل سينهشهم الموت بسهامه.
وهذا الجزء من الحوار يثبت أن آدم عليه السلام خلق لمهمة محددة، ألا وهي التعمير.
ولابد لمن يتولى هذه المهمة أن يكون مؤهلا، وهذا ما سيكشف عنه الحوار فيما بعد.
ويثبت الحوار أيضا أن مكان المهمة هو الأرض، وهذا أمر مقرر مسبقا. ويعني هذا أن وجود آدم في ”الجنة“ لم يكن أبديا، لأن المهمة التي خلق لها ليست في الجنة، بل على الأرض.
وربما كانت ”الجنة“، أينما كان مكانها، هي مسرح الاختبار الذي كان من الضروري أن يكابده آدم حتى يكون مؤهلا لمهمته الجسيمة على الأرض.
ولما سمع الملائكة ذلك كان ردهم غريبا حقا، وغير متوقع.
”قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ“.
ويثير هذا الجزء من الحوار أسئلة كثيرة، نتناولها في اليومية التالية إن شاء الله تعالى.
مرتبط
اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.