لا أريد أن أكتب رثاء لك، فما زلت لا أصدق أنك تركتني، وما زلت أعيش في صدمة وذهول، لكني بحاجة إلى الفضفضة، فصدري ضيق وفي حلقي غصة لا تزول.
ليس في الموت ترتيب وأنا أعرف ذلك وكل البشر يعرفونه، لكننا لا نريد أن نصدقه. فأنت الصغرى، ولم يكن هذا موعد رحيلك، لكن هل آثرت الرحيل؟
أنا متيقن أنك الآن في عالم أفضل، وفي وضع أفضل، حيث لا مرض، ولا ألم، ولا فقدان للقدرة على الحركة، فروحك أصبحت حرة طليقة، بعد أن انسلت من جسدك المنهك المتعب، تروح وتجيء، أو هكذا أتصور، في حرية.
أشعر أحيانا أن في الرحيل خلاصا، وهذه فكرة ربما ألجأ إليها كي أخفف عن نفسي فداحة الفقد، وهول الفراق، الذي لا يزال مذاقه في فمي مُرّا وعلقما.
فقد تخلصت يا شقيقة الروح من تفاهات الدنيا، ومن تكالبنا على ما فيها من أشياء بعضها زائل، وبعضها يبقى بعد رحيلنا. وودعت في سلام عالمنا وما فيه من أناس ربما آلموك.
أصبح ذكر اسمك يصيبني بغصة ويدفعني إلى البكاء كلما رددته في سجودي فيمن أدعو لهم بالرحمة من موتانا. فلمّا أصدق أنك أصبحت منهم، ولم أكن أتخيل أبدا أنك ستنضمين إلى قائمة أمي وأبي وشقيقتي الذين سبقوك إلى دار الخلد.
كيف أطمئن عليك، وقد انقطع بيننا الكلام؟ لكن التواصل لم ينقطع: تواصل روحينا، يا شقيقة الروح، وتواصل الجسد في أولادك الذين أرى في بعضهم صورة منك فهم قطعة منك.
رحمك الله ورعى أولادك.
مرتبط
اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.