فضفضة مكلوم: ١- الاستماع قمة الاحترام

فضفضة مكلوم

من الكلمات ما يجرح، ومنها ما يقتل. وجذر الكلام في لغتنا أحد معانيه الجرح، فإذا كَلَمت إنسانا فقد جرحته، والجريح شخص مكلوم وكليم. 

وأنا أشعر بعد فقد شقيقتي يوم السبت ٢٨ أغسطس ٢٠٢١، وقبل احتفالها بعيد ميلادها بأسابيع، عقب إصابتها بڤيروس كورونا اللعين أني مكلوم، بل محطم. ولا أجد تسرية إلا في الكتابة، والفضفضة إلى شاشة جهاز كمپيوتري.

كانت شقيقتي مقربة جدا مني، لأني كنت أستمع إليها عندما كانت تفضفض إلي بما في صدرها وأصغي في اهتمام. والاستماع إلى من يكلمك قمة الاحترام. كما أن فيه فرصة تنفيس لمن يحدثك.

ورحلت شقيقتي، وهي آخر الأخوات، وانقطعت أحاديثنا، وكان في انقطاعها تمزيق لشريان ود كان يرويني استماعا ويرويها فضفضة.

لا تضيعوا فرصة الاستماع إلى من تحبون والحديث إليهم، إلى آبائكم، أو أمهاتكم، أو أخواتكم، أو إخوانكم، أو أصدقائكم فالحياة لحظاتها قصيرة وأرجو ألا يباغت أحدا منكم الفقد قبل الأوان، كما باغتني وكاد يصرعني.  

للمشاركة على :

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

البحث

محمد العشيري

عملت محاضرًا في اللغة والثقافة العربية في جامعة برمنجهام البريطانية. درَستُ علم الأصوات اللغوية وعلم اللغة وتخصصت فيهما، ثم درَّستهما فيما بعد. وتشمل مجالات اهتمامي علوم اللغة العربية، والخطاب الإسلامي، واللغة في وسائل الإعلام. عملت أيضًا في جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة عين شمس المصرية في القاهرة. وعملت مذيعا ومقدم ومعد برامج في هيئة الإذاعة البريطانية. من بين مؤلفاتي: “أصوات التلاوة في مصر: دراسة صوتية، و“عربية القرآن: مقدمة قصيرة”، و”كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية والعربية لأبي حاتم الرازي: دراسة لغوية”. ونشرت مجموعة قصصية تحت عنوان “حرم المرحوم” وكتبا أخرى.