لماذا كتب الفعل “يتلو” في المصحف “يتلوا”؟

لماذا زيدت ألف في آخر "يتلو" في المصحف؟

الإجابة المختصرة: الرسم العثماني يستخدم ألفا بعد واو الفعل المعتل الآخر أو واو جمع التذكير في حالة الرفع في معظم الأحيان، وهذا أمر خاص بهذا الرسم ولا يقاس عليه. تفصيل الإجابة في المقالة التالية.

الاختلافات التي نراها في كتابة حرف “الألف” في القرآن الكريم هي نتيجة للطريقة التي كتب بها الكتاب المختلفون المصحف، خاصة ما يعرف بالرسم العثماني، الذي وردنا في نسخة عثمان بن عفان رضي الله عنه. وأقول أولا إن الرسم العثماني ليس توقيفيا، بل هو أمر أسبغ عليه المسلمون القدسية من تلقاء أنفسهم.

وأنا أقول هذا لأننا نجد في رسم المصحف اختلافات، حتى في كتابة “الألف” الواقعة بعد الواو في نهاية الكلمة.

وهذه الألف – أي التي ترد بعد الواو – إما تأتي بعد واو الجماعة (آمنو، لم يؤمنو)، وإما تأتي بعد واو جمع المذكر السالم (مرسلو، ملاقو)، وإما تأتي بعد بعد واو أصلية في الفعل (يتلو، يعفو، يدعو).

ونصت الكتب القديمة، مثل كتاب (المقنع لأبي عمرو الداني المتوفى ٤٤٤)، على أن الألف بعد واو الجماعة لم تكتب في كلمات مخصوصة، هي (جاءو، وباءو، وفاءو). وفي بعض المصاحف لم تكتب في (عتو، وسعو، وتبوءو، وعفو). ولكن المصاحف التي بين يدي لم تلتزم بهذا، إذ كتبت فيها (عتوا، وسعوا) مثلا.

وفيما عدا ذلك، أي في حالة الألف بعد واو جمع المذكر السالم، والألف بعد واو الفعل الأصلية (مثل يتلو)، التزم كتاب المصحف بوضعها.

فالاختلاف في كتابة هذه “الألف” – كما يتضح مما سبق – هو أمر يرجع إلى الطريقة التي اتبعها كل كاتب، إذ آثر بعضهم حذفها في حالة سبق الواو بحرف همزة (مثل جاءو)، بينما وضعها آخرون في الحالات الأخرى. ولا نستطيع أن نخرج من ذلك بقاعدة عامة.

لكننا يمكن أن نقول إن كتاب المصحف التزموا بصفة عامة بوضع الألف بعد الواو. وربما كان الدافع وراء ذلك هو غياب التنقيط، والتشكيل، وبعض الرموز كالهمزة مثلا في بدايات الكتابة، ثم أضيفت هذه العلامات لاحقا. ولذلك كان الكتاب بحاجة إلى زيادة “الألف” مثلا في كتابة كلمة (مئة)، فكتبوها  (ماىه) لأن رمز الهمزة لم يكن يكتب آنذاك.

ونحن اليوم نقول إن هذه “الألف” لا قيمة لفظية لها، وإنما هي ألف فارقة بين الواو في صيغة الفعل الماضي، أو المضارع، والواو في جمع المذكر السالم. وهذا القول في رأيي غير دقيق، لأننا ورثنا هذه الألف من الرسم العثماني، ولم نجرؤ على التخلص منها. وهذه هي الحال أيضا في كتابة بعضنا كلمة (مئة) على هذا الشكل حتى الآن (مائة).

للمشاركة على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

البحث

محمد العشيري

عملت محاضرًا في اللغة والثقافة العربية في جامعة برمنجهام البريطانية. درَستُ علم الأصوات اللغوية وعلم اللغة وتخصصت فيهما، ثم درَّستهما فيما بعد. وتشمل مجالات اهتمامي علوم اللغة العربية، والخطاب الإسلامي، واللغة في وسائل الإعلام. عملت أيضًا في جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة عين شمس المصرية في القاهرة. وعملت مذيعا ومقدم ومعد برامج في هيئة الإذاعة البريطانية. من بين مؤلفاتي: “أصوات التلاوة في مصر: دراسة صوتية، و“عربية القرآن: مقدمة قصيرة”، و”كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية والعربية لأبي حاتم الرازي: دراسة لغوية”. ونشرت مجموعة قصصية تحت عنوان “حرم المرحوم” وكتبا أخرى.