للكلمات دورة حياة مثل البشر، ويعتورها من التغير ما يصيبنا، ويهاجر بعضها من موطنه الأصلي إلى بلدان أخرى وثقافات أخرى فيظل محافظا على هويته. أما بعضها الآخر فتلفحه رياح التغيير، ومنها ما يعود بعد الهجرة إلى موطنه وقد تغيرت سحنته.
ومن تلك الكلمات كلمة ”عورة“ المستعملة في العربية، خاصة فيما يتعلق بالمرأة، فيقال إن ”كذا وكذا“ من جسم المرأة عورة.
هاجرت هذه الكلمة العربية إلى باكستان وخدمت في اللغة الأُردية. لكنها تخلت عن هويتها، باعتبارها صفة ينعت بها بعض المسلمين، جزءا من جسم المرأة، مثل شعرها. ولفحتها الثقافة الباكستانية المتشددة بشيء من التغيير، فأصبحت تعني ”امرأة“، ربما لأن المرأة ”كلها“ في تلك الثقافة ”عورة“.
وهناك كلمات عربية قحة هاجرت إلى تركيا، ولحقها بعض التغيير، ثم آثرت العودة إلى موطنها، لكنها فاجأتنا ببعض ملامح تركية.
من تلك الكلمات مصادر، مثل: عِزة، وبهجة، ومدحة. ومنها أسماء، مثل: ثروة، وعفة، ودولة.
وفي تركيا انبسطت أسارير تلك الكلمات، فانفتحت تاءاتها المربوطة، ثم عادت إلينا منبسطة الملامح مفتوحة التاء، وأصبحت أسماء أعلام للذكور وللإناث: عزت، وبهجت، ومدحت، وثروت، وعفت، ودولت.
وكان هذا الاسم الأخير ”دولت“ هو اسم شقيقتي التي رحلت الشهر الماضي عن عالمنا. وسماها والدي بهذا الاسم إحياء لذكرى والدته التي كانت تنتمي إلى العرق التركي. رحمهم الله تعالى جميعا.
مرتبط
اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.