تلاقي الساكنين: لماذا نحركهما بالكسرة في الأغلب؟

لماذا نحرك الساكنين بالكسرة في أغلب الأمثلة؟

سأعرض في هذا الفيديو أمثلة لالتقاء الصوتين الساكنين بين كلمتين، وذلك عندما تنتهي الكلمة الأولى بصوت ساكن أول وتبدأ الكلمة الثانية بساكن آخر.

تعالوا الآن نرى عمليا كيف نتفادى معضلة التقاء الساكنين في هذه الحالة.

من أمثلة تتابع الصوتين الساكنين بين كلمتين:

١- (قَدْ) + (اشْترى)، الساكنان هنا: (الدال) و (الشين)

٢- (مَنْ) + (الرَّجُلُ؟)، الساكنان هنا: (النون) و (الراء الأولى من الحرف المشدد)

٣- (خُذْ) + (الْعفوَ)، الساكنان هنا: (الذال) و (اللام)

٤- (قُلْ) + (الْحقيقةَ)، الساكنان هنا: (اللام) و (اللام)

نحن هنا بحاجة إلى الاستعانة بحركة، أي صوتٍ متحرك ليفصل بين هذين الساكنين، والحركة المناسبة هنا هي الكسرة، فنقول:

١- (قَد + ــِـ + اشْترى)

٢- (مَن + ــِـ + الرَّجُلُ؟)

٣- (خُذ + ــِـ + الْعفوَ)

٤- (قُل + ــِـ + الْحقيقة)

لكن، لماذا اخترنا الكسرة؟

حتى نعرف معا السبب، تعالوا ننظر إلى الحركة التي تسبق الصوت الساكن الأول في الأمثلة السابقة إذ إنها العامل المهم في تحديد نوع حركة تحريك الساكنين المناسبة:

سنجد هنا أن دال (قَد) في المثال الأول سُبقت بفتحة، وكذلك سُبقت نون (مَن) بفتحة في المثال الثاني.

ومن قواعد اللغة العربية المعروفة كراهية توالي الأمثال، أي تتابعِ الأصوات المتماثلة. فلا يجوز أن نحرك (دال) قد بفتحة، ولا (نون) مَن  بفتحة، فنقول:

*** قَدَ اشترى *** حتي لا تتتابع فتحتان

ولا نقول *** مَنَ الرَّجل *** حتى لا تتتابع فتحتان

ولماذا لم نختر الضمة لتحريك الساكنين؟

لأن الانتقال من الفتحة في (قَد) وفي (مَن) إلى الضمة، إذا اخترناها، ليس أمرا سلسا، بل يمثل صعوبة في النطق. ولذلك عدلنا عنها،

وفضلنا الكسرة لأنها أنسب الحركات الثلاثة لتحريك الساكنين في تلك الأمثلة.

أما في المثالين الثالث والرابع فسُبق الساكن الأول بضمة، كما في الفعل (خُذْ) في (خُذْ) + (الْعفوَ)، والفعل (قُلْ) في (قُلْ) + (الْحقيقةَ).

فلا نستطيع استخدام الضمة لكراهية تتابع الأمثال. فلا نقول في تحريك الساكنين في المثالين:

*** (خُذُ) + (الْعفوَ)، ولا *** (قُلُ) + (الْحقيقةَ)

ولا نستطيع أن نستخدم الفتحة لتحريك الساكنين، لصعوبة الانتقال من الضمة إلى الفتحة. فلا نقول:

*** (خُذَ) + (الْعفوَ)، ولا *** (قُلَ) + (الْحقيقةَ)

والحركة المناسبة إذن هي الكسرة، لسهولة الانتقال من الضمة إلى الكسرة. فنقول:

(خُذِ) + (الْعفوَ)، و(قُلِ) + (الْحقيقةَ)

وهذا يعني أنه إذا سبق الساكن الأول بالفتحة أو الضمة فإننا نستخدم الكسرة لتحريك الساكنين.

في الڤيديو التالي سأعرض لحالتين أخريين من التقاء الساكنين، حيث تسبق الكسرة في أولاهما الساكن الأول، في مثل (مِنْ + الْمهم)، وفي الثانية تسبق الضمة الساكن الأول في ضمير جمع المخاطبين والغائبين، في مثل (أنتُمْ السَّباقون). فكيف نحرك الساكنين في هاتين الحالتين؟

فإلى لقاء


اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

للمشاركة على :

اترك تعليقك

البحث

محمد العشيري

عملت محاضرًا في اللغة والثقافة العربية في جامعة برمنجهام البريطانية. درَستُ علم الأصوات اللغوية وعلم اللغة وتخصصت فيهما، ثم درَّستهما فيما بعد. وتشمل مجالات اهتمامي علوم اللغة العربية، والخطاب الإسلامي، واللغة في وسائل الإعلام. عملت أيضًا في جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة عين شمس المصرية في القاهرة. وعملت مذيعا ومقدم ومعد برامج في هيئة الإذاعة البريطانية. من بين مؤلفاتي: “أصوات التلاوة في مصر: دراسة صوتية، و“عربية القرآن: مقدمة قصيرة”، و”كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية والعربية لأبي حاتم الرازي: دراسة لغوية”. ونشرت مجموعة قصصية تحت عنوان “حرم المرحوم” وكتبا أخرى.

اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading