متى تُستخدم الفتحة أو الضمة في تحريك الساكنين؟

متى تستخدم الفتحة أو الضمة في تحريك الساكنين؟

تعالوا الآن ننظر في مثال آخر تسبق الكسرةُ فيه الصوتَ الساكنَ الأول. وهذا المثال هو:

٥- (مِنْ) + (الْمهم)

هل تعتقدون أن الكسرة هي الحركة المناسبة هنا أيضا؟ 

وهل يجوز أن ننطق (مِنْ) + (الْمهم) هكذا:

(مِن + ــِـ + الْمهم)؟

لا، لن نستطيع فعل ذلك، لأن اختيار الكسرة سيؤدي إلى تتابع كسرتين: كسرة كلمة (مِن) وكسرة تحريك الساكنين. وهذا غير مستحب في العربية الفصيحة، كما ذكرت.

ولكنه يُستخدم في بعض اللهجات العربية. فنقول في اللهجة المصرية، مثلا: (مِنِ الْمهم)

أما إذا اخترنا الضمةَ لتحريك الساكنين فإن الانتقال من كسرة (مِن) إلى الضمة، سيمثل صعوبة لنا في النطق في العربية الفصيحة. 

فلا نستطيع أن نقول: (مِن + ــُـ + الْمهم)

إذن الحركة المناسبة هنا هي الفتحة. فنقول:

(مِن + ــَـ + الْمهم)

وهذا يعني أنه إذا سُبق الساكن الأول بكسرة، فإن الحركة المناسبة لتحريك الساكنين هي الفتحة.

وقبل أن أختم أريد أن أذكِّر بحالة أخرى لتلاقي الساكنين بين كلمتين، يكون الصوت الساكن الأول فيها جزءا من ضمير جمعٍ مخاطَب أو غائب، في مثل:

٦- (أنتُمْ) + (الْكرماء)

٧- (هُمْ) + (السَّبَّاقون)

٨- (بلدكُمْ) + (الْحُرّ)

والحركة المناسبة هنا لتحريك الساكنين هي الضمة. فنقول:

٦- (أنتُم + ــُـ + الْكرماء)

٧- (هُم + ــُـ + السَّبَّاقون)

٨- (بلدكُم + ــُـ + الْحُرّ)

صحيح أن هذا سيؤدي إلى وجود ضمتين متتابعتين، وهذا مكروه في العربية. لكنه مستحب هنا، وهناك أمثلة كثيرة له في الشعر العربي القديم والحديث. وتتابع الضمتين هنا يندرج صوتيا تحت ما نسميه في علم الأصوات (التناغم بين الحركات – vowel harmony). 

في الڤيديو التالي سأتكلم عن التقاء أصوات المد، (ا، و، ي) في نهاية الكلمة عندما يتبعها صوت ساكن في بداية الكلمة التالية، كما هو الحال في المثال التالي: (إلَى + الْمدرسة)، فإلى لقاء.

للمشاركة على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

البحث

محمد العشيري

عملت محاضرًا في اللغة والثقافة العربية في جامعة برمنجهام البريطانية. درَستُ علم الأصوات اللغوية وعلم اللغة وتخصصت فيهما، ثم درَّستهما فيما بعد. وتشمل مجالات اهتمامي علوم اللغة العربية، والخطاب الإسلامي، واللغة في وسائل الإعلام. عملت أيضًا في جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة عين شمس المصرية في القاهرة. وعملت مذيعا ومقدم ومعد برامج في هيئة الإذاعة البريطانية. من بين مؤلفاتي: “أصوات التلاوة في مصر: دراسة صوتية، و“عربية القرآن: مقدمة قصيرة”، و”كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية والعربية لأبي حاتم الرازي: دراسة لغوية”. ونشرت مجموعة قصصية تحت عنوان “حرم المرحوم” وكتبا أخرى.