يستخدم مذيعو قناة الجزيرة القطرية ومحرروها منذ سنوات تركيبا غريبا لا أدري من نصحهم به، أريد أن أقف عنده هنا. وهذه أمثلة له:
وعناصر هذا التركيب هي:
١- (ما): وهو اسم موصول لغير العاقل يدل على المشترك (أي المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع)
٢- (جملة الصلة): وهي في الأمثلة جملة فعلية
٣- (عائد): وهو ضمير يعود على الاسم الموصول، ويتفق معه في النوع والعدد
وفي الأمثلة ثلاث جمل، هي:
- يتوعد بالكشف عن (ما) + (وصف) + (ها) بأكاذيب ..
- التفويض مع (ما) + (وصف) + (ها) بالمنظمات ..
- شن (ما) + (وصف) + (ها) بحملة ..
وفي هذه الأمثلة التي وردت في موقع الجزيرة عبر سنوات مشكلتان:
الأولى: تحديد نوع (ما) من حيث التذكير والتأنيث.
وأنا ألتمس العذر لمن واجه (ما) ولم يعرف كنه نوعها، إذ لا يمكن من هيئتها التنبؤ به.
لكنا نستطيع تحديد تلك الهوية الجنسية بوسيلتين:
أولاهما: أن بالمؤنث في أغلب الكلمات المؤنثة علامة تدل على التأنيث، فيما عدا كلمات قليلة، مثل شمس، ويد، وذراع. ونظرا لغياب أي علامة في (ما) تدل على ذلك فإننا نستطيع القول إنها ليست اسما مؤنثا. ويؤيد ذلك استخدامها في العربية، إذ ليس في ذلك الاستخدام أيضا أي دليل يشير إلى أنها مؤنث.
أما الوسيلة الثانية: فهي أن الأسماء الغامضة المبهمة من حيث النوع، يعاملها العرب معاملة المذكر، لأن الأصل في الأسماء لديهم التذكير. إذ إن المؤنث – كما قلت – يتكون في الأغلب من صيغة المذكر (الأصلية) تلحقها علامة تأنيث.
أما المشكلة الثانية في تلك الأمثلة، فهي في العائد، وهو الضمير الذي يربط جملة الصلة بالاسم الموصول السابق.
وهذا يعني أن الضمير العائد في العربية، وضمائر العربية كافة، تشير دوما إلى، أو تعود دوما على، اسم سابق. أي أن الضمير يتجه يمينا ناحية ما سبق من الكلام.
وليس من بين أساليب العربية أبدا – بحسب علمي – أسلوب يشير فيه الضمير إلى اسم لاحق يأتي بعده.
فإذا كان الاسم الموصول (ما) في أصله مذكرا وهو اسم مفرد، كما تدل صيغته، فلابد أن يكون الضمير الذي يعود عليه في جملة الصلة ضميرَ غائبٍ مفردا مذكرا، هو (هـ).
فنقول في أمثلة الجزيرة إن كتبناها بلغة عربية مستقيمة:
- يتوعد بالكشف عن (ما) + (وصفه) بأكاذيب ..
- التفويض مع (ما) + (وصفه) بالمنظمات ..
- شن (ما) + (وصفه) بحملة ..
لكن ناصح مذيعي الجزيرة ومحرريها ومرشدهم زاغ بصره يسارا، فالتفت إلى ما جاء في الكلام بعد الضمير العائد، فوجده كلمات مؤنثة (أكاذيب، ومنظمات، وحملة) فلَوَى عنق الضمير وجعله يلتفت عنوة يسارا بدلا من توجهه ناحية اليمين، وهو مساره الطبيعي في العربية.
هذا تفسيري المتواضع الذي بنيته على معرفتي المتواضعة بالعربية. وإن كان لدى الجزيرة تفسير لغوي آخر مقنع فليطرقوا الباب، فهو لما يزل مفتوحا.
مرتبط
اكتشاف المزيد من أَسْرُ الْكلام
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.